بسم الله
الرحمن الرحيم
أنبياء الله في القرآن
العظيم
(إبراهيم
عليه السلام)
وبعض آيات
من سورة الأنعام
(10)
تجلية عقيدة التوحيد في مناظرة
نبي الله ( إبراهيم ) مع المشركين
وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ
الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ – 73
قوله الحق في جميع مخلوقاته
. . فأولى أن يستسلم له وحده من يشركون به ما لا ينفع ولا يضر من خلقه . ومن يتبعون
قول غيره كذلك في التفسير للوجود وتشريعه للحياة . في أي اتجاه .
إن الملك
لله وحده , وأنه لا سلطان إلا سلطانه , ولا إرادة إلا إرادته . . فأولى للبشرية- العائدة إلى ربها حتما-
الاستسلام له في الدنيا طائعين, أن يستسلموا قبل أن يستسلموا لسلطانه المطلق يوم ينفخ في
الصور .
هذه
الحقائق تعرض قبل مشاهدة اللقاء الحي بين إبراهيم عليه السلام وقومه , والمناظرة
القوية أمام الملأ وأمام عبدة الأصنام وعبدة الكواكب والنجوم ..
والمناقشة
الواضحة الصريحة التي يقر بها العقل والفطرة السليمة..
**********
إبراهيم يقيم الحجة على قومه
وَتِلْكَ
حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ
نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ –
83
إنها قصة
الفطرة مع الحق والباطل . وقصة العقيدة كذلك يصدع بها المؤمن ولا يخشى فيها لومة لائم
;
ولا يجامل
على حسابها أبا
ولا أسرة ولا عشيرة ولا
قوما . . كما وقف إبراهيم من أبيه وقومه هذه الوقفه الصلبة الحاسمة الصريحة :
وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ
فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ – 74
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ – 75
وتجهر بكلمة الحق وتصدع ,
حينما يكون الأمر هو أمر العقيدة ,
كلمة يقولها إبراهيم - عليه
السلام - لأبيه . وإبراهيم هو الأواه الحليم الرضي الخلق السمح اللين , كما ترد أوصافه في القرآن الكريم .
ولكنها العقيدة هنا .
وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ
فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ.
والعقيدة فوق روابط الأبوة والبنوة
, وفوق مشاعر الحلم والسماحة . وإبراهيم هو القدوة التي أمر الله المسلمين من بنيه أن يتأسوا بها . والقصة
تعرض لتكون أسوة ومثالا . .
وكذلك استحق إبراهيم - عليه
السلام - بصفاء فطرته وخلوصها للحق أن يكشف الله لبصيرته عن الأسرار الكامنة في الكون , والدلائل
الموحية بالهدى في الوجود...
وَكَذَلِكَ
نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ.
بمثل هذه الفطرة السليمة ,
وهذه البصيرة المفتوحة ; وعلى هذا النحو من الخلوص للحق , ومن إنكار الباطل في قوة . .
نري
إبراهيم حقيقة هذا الملك . . ملك السماوات والأرض . . ونطلعه على الأسرار المكنونة في صميم الكون ,
ونكشف له عن الآيات
المبثوثة في صحائف الوجود ,
ونصل بين قلبه وفطرته وموحيات الإيمان ودلائل الهدى في هذا الكون العجيب . لينتقل من درجة الإنكار على
عبادة الآلهة الزائفة , إلى درجة اليقين الواعي بالإله الحق . .
وهذا هو طريق الفطرة
البديهي العميق . . وعي لا يطمسه الركام . وبصر يلحظ ما في الكون من عجائب صنع الله .
وتدبر يتبع المشاهد حتى تنطق له بسرها المكنون . . وهداية من الله جزاء على الجهاد فيه . .
وَتِلْكَ
حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ
نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ –
83
************
نستكمل تلك المناظرة الحية في اللقاء القادم
بإذن الله تعالى..
مصدر تفسير هذا اللقاء (في ظلال القرآن)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق