بسم الله
الرحمن الرحيم
أنبياء الله في القرآن
العظيم
(إبراهيم
عليه السلام)
وبعض آيات
من سورة الأنبياء
(14)
بدء
المحاكمة
قَالُوا
أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ.. ؟
فهم ما يزالون
يصرون على أنها آلهة وهي جذاذ مهشمة . فأما إبراهيم فهو يتهكم بهم ويسخر منهم , وهو
فرد وحده وهم كثير . ذلك أنه ينظر بعقله المفتوح وقلبه الواصل فلا يملك إلا أن يهزأ
بهم ويسخر , وأن يجيبهم إجابة تناسب هذا المستوى العقلي الدون :
قَالَ
بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ -
63
والتهكم واضح
في هذا الجواب الساخر . فلا داعي لتسمية هذه كذبة من إبراهيم - عليه السلام - والبحث
عن تعليلها بشتى العلل التي اختلف عليها المفسرون .
فالأمر أيسر
من هذا بكثير ! إنما أراد أن يقول لهم : إن هذه التماثيل لا تدري من حطمها إن كنت أنا
أم هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكا . فهي جماد لا إدراك له أصلا .
وأنتم كذلك
مثلها مسلوبو الإدراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل . فلا تعرفون إن كنت أنا الذي
حطمتها أم إن هذا التمثال هو الذي حطمها !
فَاسْأَلُوهُمْ
إِن كَانُوا يَنطِقُونَ..!
ويبدو أن هذا
التهكم الساخر قد هزهم هزا , وردهم إلى شيء من التدبر والتفكر:
فَرَجَعُوا
إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ –
64
وكانت بادرة
خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف , وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم . وأن
تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم , وذلك الظلم الذي
هم فيه سادرون .
وصاح الغوغاء
وسدنة الأصنام وضجت القاعة بالأصوات.
ولكنها لم تكن
إلا ومضة واحدة أعقبها الظلام , وإلا خفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلى الخمود:
ثُمَّ
نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ -
65
وحقا لقد كانت
الأولى رجعة إلى النفوس , وكانت الثانية نكسة على الرؤوس ; كما يقول التعبير القرآني
المصور العجيب . .
كانت الأولى
حركة في النفس للنظر والتدبر . أما الثانية فكانت انقلابا على الرأس فلا عقل ولا تفكير
. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم .
وأية حجة لإبراهيم
أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون ?!
ومن ثم يجبههم
بعنف وضيق على غير عادته وهو الصبور الحليم . لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم :
قَالَ
أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ
– 66 أُفٍّ
لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ –
67
وهي قولة يظهر
فيها ضيق الصدر , وغيظ النفس , والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف .
ونتوقف
لنسمع النطق بالحكم في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى..
*******
مصدر التفسير في
هذا اللقاء ( في ظلال القرأن )
دمتم في
رعاية الله وأمنه.
وإلى لقاء
قادم إن شاء الله تعالى